تعتبر تقنية تتبع المركبات ,تحديد المواقع واحدة من أهم التقنيات التي غيرت طريقة تنقلنا وإدارة أسطولنا من المركبات. فهي تساعد على تحديد موقع المركبة بدقة وسرعة، وتوفر معلومات قيّمة عن حالة المركبة وسلوك السائق. ولكن هل يمكن أن تصبح هذه التقنية أكثر فعالية وذكاءً مع تطور الذكاء الاصطناعي (AI) وانترنت الأشياء (IoT)؟
في هذا المقال، سنستعرض بعض الاتجاهات والابتكارات التي تشير إلى مستقبل مشرق لتتبع المركبات وتحديد المواقع، وكيف يمكن لهذه التقنية أن تحسن من أمن وأداء تتبع المركبات في عالم متغير باستمرار.
الذكاء الاصطناعي وتتبع المركبات: شركاء في التحول الرقمي
الذكاء الاصطناعي هو مجال من علوم الحاسوب يهدف إلى خلق آلات وبرامج قادرة على محاكاة الذكاء البشري في مجالات مثل التعلم والاستدلال والإدراك. والإنترنت الخاص بالأشياء هو مفهوم يشير إلى شبكة من الأجهزة والأجسام المادية المزودة بمستشعرات ومعالجات واتصال لاسلكي، تستطيع التفاعل مع بعضها البعض ومع البيئة المحيطة.
هذان المجالان يتلاقيان في تطبيقات عديدة، خاصة في مجال التنقل وإدارة الأسطول. فمثلاً، يمكن لجهاز تتبع المركبات أن يجمع بيانات عن موقع المركبة وسرعتها واتجاهها ووقودها وغيرها من المؤشرات، ثم يرسلها إلى سحابة حاسوبية، حيث يمكن لبرامج الذكاء الاصطناعي أن تحلل هذه البيانات وتستخرج منها نتائج وتوصيات. كما يمكن لهذه البرامج أن تتواصل مع جهاز التتبع أو مع سائق المركبة أو مدير الأسطول لإخبارهم بأفضل الخيارات أو التحذير من المخاطر.
بفضل هذا التزامن، يمكن لنظام تتبع المركبات أن يصبح أكثر من مجرد تحديد مواقع، بل يصبح أداة قوية لزيادة كفاءة وأمن وأداء المركبات. وفيما يلي بعض الأمثلة على كيفية تحقيق ذلك:
- تحسين التخطيط والتوجيه: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يستخدم بيانات جهاز تتبع المركبات لإنشاء خرائط ذكية ومحدثة باستمرار، تعكس الحالة الحقيقية للطرق والمرور والأحوال الجوية. كما يمكن له أن يقترح أفضل المسارات والوقت المناسب للسفر، بناءً على معايير مثل المسافة والتكلفة والسلامة والانبعاثات. هذا يساعد على تقليل الوقت والوقود والتلوث والحوادث.
- رصد حالة المركبة: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يستخدم بيانات جهاز تتبع المركبات لمراقبة حالة المركبة من حيث المحرك والإطارات والفرامل وغيرها من الأجزاء الهامة. كما يمكن له أن يتنبأ بالأعطال المحتملة قبل حدوثها، وينبه السائق أو مدير الأسطول لضرورة الصيانة أو التغيير. هذا يساعد على تجنب الأضرار والتأخيرات والتكاليف الزائدة.
- تحسين سلوك السائق: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يستخدم بيانات جهاز تتبع المركبات لتقييم سلوك السائق من حيث السرعة والتسارع والفرملة وغيرها من المؤشرات. كما يمكن له أن يعطي نصائح وتغذية راجعة للسائق لتحسين أدائه وزيادة سلامته. هذا يساعد على خفض استهلاك الوقود وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون وخطر الحوادث.
- زيادة أمن المركبة: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يستخدم بيانات جهاز تتبع المركبات للكشف عن أي محاولات للسرقة أو التلاعب بالمركبة. كما يمكن له أن يرسل إشارات إلى الشرطة أو شركة التأمين أو مدير الأسطول في حالة حدوث ذلك. هذا يساعد على حماية المركبة والبضائع والأشخاص.
إلى أين نتجه؟
لا شك أن أنظمة تتبع المركبات ستستمر في التطور مع تقدم التكنولوجيا، خصوصًا في ظل التسارع الهائل في مجال الذكاء الاصطناعي والذي يبهرنا كل يوم باستخدامات جديدة وينبئ بقربنا عصر الذكاء الاصطناعي العام (ِAGI) ومن المتوقع أن تصبح هذه الأنظمة أكثر دقة وفعالية وسهولة في التحكم والتشغيل، كما أنها ستوفر المزيد من المعلومات والإحصائيات عن حالة المركبات وسلوك السائقين والطرق والمخاطر المحتملة. وبالتالي، ستساهم هذه الأنظمة في تحسين الأمن والسلامة المرورية وتقليل الحوادث والانبعاثات الضارة والتكاليف الإضافية. ولكن هذا لا يعني أن هذه الأنظمة لا تواجه تحديات أو مخاوف، فهناك قضايا مهمة تتعلق بخصوصية البيانات والأخلاقيات والقانون والثقافة والتقبل الاجتماعي. لذلك، يجب على جميع الأطراف المعنية، من الحكومات والشركات والمستخدمين، التعاون لضمان استخدام هذه التقنية بشكل مسؤول وشفاف ومستدام.